نعم أيها السادة عزمت على السفر إلى ألمانيا طوعا وليس كرها لكن كانت هناك عدة عوامل كانت أسبابا رئيسية لإقدامي على ما لا اطيق وهو السفر إلى خارج عالم أحببته وأحبني بل قضيت فيه طفولتي ومراهقتي بحلوها ومرها.
بعد خروجي للمرة السادسة على التوالي من الجحيم الأسدي وهو ما اسلفته سابقا عندما كتبت القليل القليل عن أفرع المخابرات الأسدية التي قيل فيها (الداخل مفقود والخارج مولود) وعن طريقة تعاملهم مع المعتقلين السلميين وكيف كانت تزهق الأرواح بلا أي ذنب إلا أنهم قالوا نحن طلاب الحرية.
في الشهر الثامن من عام ٢٠١٥ وكان لي فقط صديقين وهما طارق ومحمود
أعتقل طارق وهو في طريقه للمنزل بعد عودته من العمل
وكان كهربائيا اتقن مهنته اتقانا تاما وكان يدرس في نفس الوقت هندسة الكهرباء الصناعية والمنزلية كان ذالك الشاب في عامه الرابع في الجامعة وبقي على تخرجه فقط سنة واحدة
اعتقل وهذا ما جعل الخوف يسيطر على جميع اركاني ليس خوفا من الموت لا. لكن خوفا من التعذيب الذي سيلقاه والذي سينتج عنه جلب الكثير من أسماء الناس والشباب في التحقيقات كيف لا وانا كنت صديقه الودود الذي لا يفارقه عند المساء من كل يوم
كنا نجلس مع بعضنا البعض بشكل يومي غير منقطع بعد أن ينهي كل منا عمله.
هذا السبب الاول اما الثاني فلم اعد قادرا على التحرك في المدينة بحرية ولم اعد قادرا على العمل فمهلة تأجيل خدمتي الإلزامية قد انتهت وعناصر العصابة الأسدية الإرهابية التي أنتجت داعش وافراخها تملأ الشوارع بل اقتصرت نشاطاتي على أن أذهب فقط للحديقة المجاورة لبيتنا أو إلى صديقي الذي أتوقع أنه قد قضى تحت التعذيب أو أن أجلس في بيتي اقرأ بعضا من التاريخ.
قبل اعتقال صديقي كنت قد استجمعت ما لدي من معلومات في الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغة العربية لأنهي إمتحان الصف التاسع واخرج من سورية هذا بعد إنقطاع عن الدراسة دام ما يقارب ٦ أعوام
وهذا ما جعلني سعيدا جدا عندما أتممت تلك المرحلة المهمة لكل إنسان في هذا العصر التي تعتبر فيه الاوراق اهم كثيرا من الخبرات
كان هذا في الشهر السادس تقريبا اي قبل إعتقال صديقي الحبيب بشهرين تماما.
بعد إن اعتقلوا صديقي عزمت انا ومحمود على السفر وبما أنا صديقاه المقربان لطارق تملك الخوف محمود أيضا وهو خبير كومبيوتر
اتفقنا على أنه يتحتم علينا قبل أن يأتي فصل الشتاء مغادرة الوطن الذي طالما تمنيت أن أتمم دراستي فيه واصبح شيئا مفيدا للمجتمع.
التاريخ ١٩/١٠/٢٠١٥
وبعد مفاوضات طويلة بين أحد أقربائي وابن أخ الشبيح الشهير عضو مجلس الشعب أحمد مبارك
وافق الثاني على إخراجي من المدينة تهريبا وذالك أني مطلوب للجيش والخدمة الإلزامية في ظل وضع امني صعب جدا ومعقد جدا مقابل مبلغ قدره ٢٥٠٠ دولار
لا أخفيكم سرا لم يكن لدي من مالي الخاص شيئ فكل شيئ سرق ولم أستطع القيام بشيئ لاسترجاعه
تساعد أخوتي على دفع المبلغ المطلوب.
المسافة كانت لا تستحق عشر معشار هذا المبلغ كانت المسافة فقط ما يقارب ٤٠ كيلو متر .اي من(مدينة حماه إلى أول نقطة تحت سيطرة الجيش الحر قرية أبو دالي الواقعة في الريف الحموي)
الطريقة التي سنصل فيها لتلك القرية هي كالآتي .
جلسنا في أحد المحلات التجارية انا و٦ منشقين عن الجيش السوري .انا الوحيد الذي كنت مدنيا ولا اعرف شيئا عن السلاح
بينهم ظابطان احدهما برتبة مقدم في المخابرات العسكرية وثانيهما على ما اعتقد انه ملازم أول في فرع السياسية في حماه.
الصراحة كنت خاف جدا أن يشي بنا أحد هؤلاء
جلسنا منتظرين سيارة حديثة من نوع سنتافيه تتسع لنا كلنا
فأتت السيارة وصعدنا بها ومشت ومن حسن الحظ أن الطريق من مدينة حماه إلى تلك القرية يعتبر ملك تلك الميليشيا التي تتبع المجرم أحمد مبارك
مررنا على كثير من الحواجز العسكرية بدون أن تقف السيارة حتى وصلنا إلى قرية جبرين التي تبعد مسافة أقل من ١٠ كيلو متر عن المدينة .
فانزلونا في مزرعة تحتوي على فيلا فاطعمونا وسقونا وقالوا لنا يجب أن ننتظر إلى أن تغيب الشمس فنمضي.
كان اعتقادي أننا فقط نحن السبعة نسعى للخروج من المدينة وعندما بدأ يحل الظلام
جلبوا لنا زيا عسكريا وقالوا لنا ارتدوه وأعطونا اسلحة فقط نحن الرجال .
فارتدينا الزي وقلت لأحدهم لا أعرف آلية تشغيل السلاح فقال لي احمل البندقية فقط للمظهر
وعندما هممنا بالخروج رأينا ما لم نصدق
أكثر من ٢٤ سيارة سنتافيه حديثة كالتي ركبناها في اول مره تحمل عوائل لتهريبهم
للصدق كان منظر مرعب موكب يتكون من هذه السيارات.
قال لنا قائد.الموكب وهو ابن أخ أحمد مبارك أنتم الرجال اركبوا سيارة الدوشكا من الخلف وسيكون معكم سائق من أحد رجالي. فعلنا هذا .وعندما أشعلوا السيارات تفاجئنا بأننا من يجب أن يمشي اولا (اي كدرع بشري لهم) وقال لنا بالحرف(الطريق كله لنا بإستثناء بعض حواجز المخابرات التي كانت في الحقيقة هي الأكثر لكن بأي حال إن اعترضكم احد وطلب منكم الوقوف فأطلقوا النيران بكثافة عليهم.
نكمل إن شاء الله في الجزء الثالث من المقال