في الخامسة إلا عشر رنّ جرس الهاتف من كييف.
صديق زوجي العزيز.
ترددنا, تركنا الباب موصداً.
أولغ, إفتح الباب!
سمعنا ثلاث كلمات:
"القنابل تسقط في كييف."
هوينا علي الأرض,
سُرقَ النوم من أعيننا.
القنابل تسقط علي كييف!
قنابل متوقعةٌ, كما قلنا في الأمس.
الحرب.
لا أخبار,
لا مذيعٌ يقرأ نشرة الثامنة,
في قريتنا الصغيرة.
أمي تعمل في البيوت في بولندا.
قالت قبل أسبوعين:
" تحتاجون شئياً واحداً"
" لا تقلقي يا أما",
كذبت عليها.
لم نصدق ما قالت.
مع بداية الرحلة, لم يكن لنا سوي بيدين خاليتين
جواز سفري,
جواز سفر زوجي مع شقيقه,
في بيته القروي.
الأب والأم ماتا.
هاتفتني أمي, مراراً.
ندري أنها النهاية.
أمي محقة, وما زلنا نكذب عليها.
نقول: نحن في الطريق, إلي الحدود.
كذبة لا غير.
لدينا سيارة. لكن التانك خالي.
فقال زوجي: سأذهب إلي محطة الوقود.
السادسة والنصف صباحاً.
فتحنا الباب.
ترآت لنا مشاهد يوم القيامة.
القرويين يركضون بلا هدف.
يصرخون مذعورين.
إصّطفوا أمام محطة الوقود.
أمام المتاجر. أمام البنوك.
إنهارت شبكة البنوك.
البيع نقداً فقط.
لا نملك نقداً.
الرابع والعشرون من شهر فبراير, يوم أحصل علي مرتبي الشهري.
هاتفت ريئسي في العمل.
يملك مطعماً.
قال: " عليك القدوم في غضون خمسة عشرة دقيقة".
المطعم في قبو أرضي.
نعيش في الطابق الثالث.
أمسكت بالنقود في يدي.
سري الآمل في عروقي. وذهبت إلي محطة الوقود.
ثلاث ساعات مضين, قبل حصولنا علي الوقود.
ثم هربنا إلي القرية, موطن زوجي.
التاسعة والنصف صباحاً.
قال زوجي: "أوليغ": لا أود الرحيل!
أريد البقاء مع أخي, الدفاع عن موطني.
قلتُ: " سأبقي أيضاً".
قال: " الرحلة محفوفةٌ بالمخاطر".
سأرافقك ثم أعود لوحدي.
الحادية عشرة صباحاً
مع شقيقه, نيكولاي.
حديثنا ضاع مع الريح. نيوكلاي أثر البقاء.
حصلنا علي جوازات السفر, شاحن الهاتف, بعض المستندات والنقود.
إنطلقنا إلي الحدود. غرباً. إلي بولندا.
الواحدة ظهراً.
صفوفاً علي مد البصر.
هاتفنا نيكولاي. نيكولاي, عليك الهروب!
أصرّ علي البقاء.
الرابعة عصراً
نيكولا عدّل عن رأيه. سيأتي إلي بولندا.
الثامنة مساءاً
وصلنا إلي الضفة الآمنة,
نيكولاي, في الأخري.
هاتفنا: السيارات توقفت عن السير, بسبب الإزدحام, ستة وعشرون كيلوا تبعدني عن الحدود,
ربما لن أنجح في الوصول.
العاشرة مساءاً.
ظهر الرئيس علي شاشة التلفاز: علي الرجال البقاء والدفاع عن وطنهم.
من أعماق الليل.
ترجّل الرجال من السيارة.
جلست النساء علي المقود.
النساء والأطفال رحلوا غرباً.
الرجل بقوا حيث كانوا.
شهر مايو.
حصل نيكولاي علي خطاب الإلتحاق بالجيش.
ننتظر رحيله إلي الجبهة.
نيكولاي قريب أوليغ الوحيد